ترامب يضع العملات الرقمية المستقرة في صميم استراتيجياته الاقتصادية

أكد وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، أن الرئيس دونالد ترامب يعتبر العملات الرقمية، وخصوصًا العملات المستقرة، عنصرًا محوريًا في ترسيخ هيمنة الدولار على الساحة العالمية. وأضاف بيسينت أن هذه الأصول الرقمية تملك القدرة على تقليص المخاطر المالية على مستوى العالم، كما أنها تُسهم في تعزيز مكانة الدولار من خلال توفير بدائل حديثة وفعالة للمدفوعات والتحويلات. وهذا ما يجعل العملات المستقرة جزءًا من رؤية استراتيجية للمستقبل المالي.
تشريعات تنظيمية لترسيخ القيادة الأمريكية
بالتزامن مع هذه التصريحات، أعلن مجلس الشيوخ الأمريكي موافقته على مشروع قانون جديد ينظم إصدار وتداول العملات المستقرة. ويهدف هذا القانون إلى وضع معايير واضحة للترخيص والامتثال. ويُعرف المشروع باسم “قانون GENIUS”، ويُعد خطوة أساسية لدعم هذا القطاع المتنامي. من جهته، دعا ترامب الكونغرس إلى تسريع المصادقة على المشروع، مطالبًا بإرساله إلى مكتبه قبل شهر أغسطس. ويُنظر إلى هذه الخطوة كأولوية وطنية تعزز التفوق المالي للولايات المتحدة في العصر الرقمي.
العملات المستقرة: فرصة لدعم الخزانة الأمريكية
يرى بيسينت أن العملات المستقرة المدعومة بالدولار يمكن أن تتحول إلى أحد أكبر المشترين لسندات الخزانة الأمريكية. ويعني ذلك أن الطلب العالمي على الدولار سيتعزز، ما يدعم مكانته كعملة احتياطية مهيمنة. ووفقًا لتقديرات بيسينت، قد تتجاوز القيمة السوقية لهذه العملات حاجز التريليوني دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة. ويُعد هذا الرقم قفزة كبيرة مقارنة بالقيمة الحالية التي تبلغ حوالي 240 مليار دولار. ويُعزز هذا النمو السريع من دور العملات المستقرة كمحرك جديد للنظام المالي العالمي.
انقسام داخلي وتأثيراته على مسار التشريع
بالرغم من الترحيب الواسع من قبل المستثمرين ومؤسسات القطاع المالي بتمرير القانون في مجلس الشيوخ، إلا أن المشهد السياسي الداخلي ما زال يعاني من تجاذبات حادة. وقد تعرقل المشروع سابقًا بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، إضافة إلى شبهات تضارب مصالح مع الدائرة المقربة من الرئيس ترامب. وأشار خبراء قانونيون إلى أن هذا التسييس المفرط قد يُضعف ثقة الجمهور بمصداقية المشروع. ومن هنا، تظهر الحاجة إلى توافق سياسي حقيقي لضمان نجاح هذه المبادرة.
فشل سياسات بايدن تجاه الابتكار الرقمي
في سياق متصل، وجه بيسينت انتقادات قوية لإدارة الرئيس جو بايدن، متهمًا إياها باتباع سياسات تنظيمية صارمة عطّلت مسار الابتكار الرقمي. بل وذهب إلى حد القول إن تلك الإدارة سعت إلى القضاء على القطاع بدلًا من تنظيمه. هذا النهج، كما يرى بيسينت، دفع الشركات والمواهب إلى مغادرة السوق الأمريكي نحو بيئات أكثر دعمًا للتكنولوجيا المالية. وأدت هذه السياسات إلى خلق حالة من الغموض القانوني، ما أضعف ثقة المستثمرين.
مستقبل الدولار الرقمي يبدأ من العملات المستقرة
تشير تصريحات بيسينت إلى أن العملات المستقرة لم تعد خيارًا ثانويًا، بل أصبحت ضرورة ملحة لتحديث البنية التحتية المالية العالمية. فهذه العملات تتيح وصولًا مباشرًا وآمنًا للدولار الأمريكي، حتى في المناطق التي تفتقر إلى بنية مصرفية متقدمة. ويُمكن من خلالها تنفيذ معاملات دولية بكفاءة، ما يعزز من دور الولايات المتحدة في الاقتصاد الرقمي العالمي.
ومع احتدام المنافسة الدولية حول قيادة مستقبل المال، يبدو أن واشنطن بدأت تدرك أن مفتاح السيادة الاقتصادية في العصر الجديد قد يمر من خلال العملات المستقرة، باعتبارها أداة استراتيجية لتمكين الدولار وإعادة تشكيل النفوذ المالي الأمريكي.