كيف أربك التصعيد الأمريكي ضد إيران سوق العملات الرقمية

شهد سوق العملات الرقمية تراجعًا حادًا مع نهاية الأسبوع، بعدما نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية مركزة استهدفت منشآت نووية إيرانية. هذا الحدث الجيوسياسي المفاجئ دفع المستثمرين إلى الهروب من الأصول عالية المخاطر، مما تسبب بموجة بيع ضخمة وانخفاض حاد في الأسعار.
تفاصيل الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية
في صباح يوم الأحد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ هجمات وصفها بـ”الناجحة جدًا” ضد ثلاث منشآت لتخصيب اليورانيوم في إيران، تشمل فوردو ونطنز وأصفهان. وقد نُفذت الهجمات باستخدام قاذفات B-2 وصواريخ توماهوك أُطلقت من غواصات أمريكية، وجاء ذلك بتنسيق كامل مع إسرائيل. وأكد ترامب في خطاب لاحق أن المنشآت “دُمّرت بالكامل”، كما توعد برد أقوى في حال ردت إيران على الهجوم.
تصفية مراكز ضخمة وانهيار حاد في السوق
أثارت هذه التطورات صدمة كبيرة في الأسواق. فقد وصلت قيمة تصفيات المراكز المفتوحة في سوق العملات الرقمية إلى أكثر من 701 مليون دولار خلال 24 ساعة فقط. ومن هذا الرقم، كانت 618 مليون دولار تعود إلى مراكز شراء طويلة، بحسب بيانات CoinGlass. وتصدرت إيثيريوم الخسائر، حيث تراجعت بنسبة 7.4%، مع تصفية مراكز بقيمة 296 مليون دولار. كما بلغت تصفيات بيتكوين 152 مليون دولار.
وفي نفس الوقت، انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية إلى 3.15 تريليون دولار، وفقًا لـ CoinMarketCap. كما أظهرت بيانات CoinGecko انخفاضًا بنسبة 4.4% لتصل إلى 3.25 تريليون دولار، مما يعكس حجم القلق في الأسواق.
توجه المستثمرين نحو الأمان في ظل الأزمات
يميل المستثمرون عادةً إلى الحذر في أوقات الأزمات. وفي مثل هذه الحالات، تكون الأصول الرقمية عرضة للتقلبات الحادة. فالأحداث الكبرى، مثل الحروب أو الكوارث الصحية كجائحة كورونا، تدفع المتداولين نحو تجنب المخاطرة. وقد أشار المحلل هانين مالك من Tellimer إلى أن الأسواق ستتأثر برد فعل إيران. فإذا ما تصاعدت المواجهة، فقد نشهد تأثيرًا على إمدادات النفط. أما إذا اتجهت إيران نحو التهدئة، فقد يفتح ذلك المجال لمفاوضات جديدة.
أزمة الشرق الأوسط تثير مخاوف من التضخم وارتفاع الفائدة
لا تقتصر التأثيرات على الجانب السياسي فقط، بل تشمل أيضًا تداعيات اقتصادية مباشرة. الأزمة قد تدفع أسعار النفط وتكاليف الشحن نحو الارتفاع، مما يرفع الضغوط التضخمية عالميًا. فقد ارتفعت أسعار خام برنت وخام غرب تكساس بأكثر من 32% منذ بداية العام، وهو ما يزيد من صعوبة اتخاذ قرارات التيسير النقدي.
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أبقى أسعار الفائدة مؤخرًا بين 4.25% و4.50%. وعلى الرغم من أنه لمح إلى إمكانية خفضها مرتين في عام 2025، وأربع مرات في 2026 و2027، إلا أن استمرار ارتفاع التضخم قد يعرقل تلك الخطط. وتاريخيًا، تستفيد العملات الرقمية من فترات خفض الفائدة، ما يجعل استمرار الأزمة تهديدًا مزدوجًا للمستثمرين.
ترقب في السوق وسط احتمالات إغلاق مضيق هرمز
يتابع المستثمرون باهتمام بالغ تطورات التوتر في الخليج، وخصوصًا احتمالات قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز، الذي يُعد شريانًا حيويًا لتصدير النفط عالميًا. وقد أظهرت بيانات Polymarket أن احتمال إغلاق المضيق ارتفع إلى 46% قبل يوليو، و57% قبل نهاية العام. بالمقابل، فإن احتمالات إعلان حرب شاملة بين الولايات المتحدة وإيران ما تزال منخفضة جدًا، ولا تتجاوز 2%.
خلاصة: سوق العملات الرقمية في حالة ترقب حذر
في ظل تصاعد التوترات السياسية والضغوط الاقتصادية، يعيش سوق العملات الرقمية حالة من الترقب الحذر. ولا يزال المستثمرون يترقبون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، سواء على صعيد العلاقات الدولية أو السياسات الاقتصادية، وسط مخاوف من تدهور إضافي أو تقلبات مفاجئة في الأسواق.