إليزابيث وورن تدعو إلى حظر إصدار العملات المستقرة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى

دعت السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وورن إلى تعديل تشريعي يحظر على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا، وغوغل، وأمازون إصدار عملات رقمية مستقرة. وتأتي هذه الدعوة في إطار مناقشات حادة داخل الكونغرس الأمريكي حول مستقبل العملات الرقمية والتنظيم المالي، وسط مخاوف متزايدة من تأثير هذه الشركات على النظام المالي والخصوصية الرقمية.
من هي إليزابيث وورن؟
إليزابيث وورن، عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساتشوستس منذ عام 2012، تُعرف بمواقفها الصارمة بشأن حماية المستهلك والإصلاح المالي. وهي من أبرز الأصوات الليبرالية في الكونغرس، وسبق لها أن ساهمت في تأسيس مكتب حماية المستهلك المالي. كما تتمتع بسجل حافل في ملفات التكنولوجيا المالية ومحاسبة الشركات الكبرى، ما يمنح تصريحاتها وزنًا تشريعيًا كبيرًا.
تفاصيل مقترح وورن
أوضحت إليزابيث وورن أن مشروع قانون تنظيم العملات المستقرة، المعروف باسم (GENIUS Act)، بحاجة إلى تعديلات جوهرية. وقد شددت على ضرورة إدراج قيود صارمة تمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من الدخول إلى مجال العملات المستقرة مثل عملة USDC وUSDT. وتشمل هذه القيود الحظر الكامل على إصدار هذه العملات، أو حتى الاستثمار فيها، أو إقامة شراكات مع منصات إصدارها.
وأعربت وورن عن قلقها من أن يؤدي دخول شركات مثل ميتا أو أمازون إلى تقويض الفصل التقليدي بين القطاعين المصرفي والتجاري، وهو فصل يُعد حجر الزاوية في النظام المالي الأمريكي. وقد نبهت إلى أن امتلاك هذه الشركات لبيانات المستخدمين، بالتزامن مع سيطرتها على أدوات الدفع الرقمي، قد يضع البنية التحتية المالية في قبضة كيانات تجارية خاصة.
لذلك، اقترحت وورن إدخال المبادئ التالية ضمن التشريع:
- منع تضارب المصالح: يجب على القانون أن يمنع المسؤولين الحكوميين، وأفراد أسرهم، من امتلاك أو الاستثمار في مشاريع العملات المستقرة، وذلك بهدف الحفاظ على الشفافية وتفادي استغلال النفوذ.
- فصل التكنولوجيا عن المالية: ينبغي حظر شركات التكنولوجيا الكبرى من إصدار العملات المستقرة أو دعمها بأي شكل من الأشكال، سواء بشكل مباشر أو من خلال كيانات وسيطة.
- حماية المستهلكين: يتوجب على التشريع أن يشمل ضوابط قانونية قوية تحمي المستخدمين، لا سيما في حال وقوع هجمات إلكترونية أو خسائر مالية.
- تعزيز الشفافية والمحاسبة: يجب فرض متطلبات صارمة على الشركات التي تصدر العملات المستقرة، بما في ذلك الإفصاح المالي والاحتياطات الرأسمالية اللازمة لضمان الاستقرار.
- التصدي للجرائم المالية: يجب إخضاع العملات المستقرة لنفس معايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب المطبقة على المؤسسات المالية التقليدية.
في هذا السياق، استشهدت وورن بتجربة شركة ميتا السابقة مع عملة “ليبرا”، التي تحوّلت لاحقًا إلى “دييم”، ووصفت المشروع بأنه محاولة خطيرة للسيطرة على النظام المالي. وأكدت أن أي نية مستقبلية لإعادة إحياء هذا المشروع تستدعي توضيحات من مارك زوكربيرغ أمام الكونغرس. وقد ألمحت إلى وجود نية محتملة لإحياء هذه المبادرة، الأمر الذي يعزز الحاجة إلى تشريع صارم.
السياق السياسي للتشريع
تصريحات وورن جاءت في وقت يشهد فيه الكونغرس الأمريكي نقاشات متعمقة حول تنظيم العملات الرقمية. وعلى الرغم من التقدم المحرز في مناقشات قانون GENIUS، فقد واجه المشروع رفضًا واسعًا من بعض الديمقراطيين. ويعود سبب هذا الرفض، حسب ما أوضحه عدد منهم، إلى افتقار المشروع الحالي لضمانات كافية لحماية المستهلكين، بالإضافة إلى القلق من استغلاله لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية.
ردود الفعل على الدعوة
لقيت دعوة وورن دعمًا من عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي، الذين اعتبروا أن الحظر المفروض على شركات التكنولوجيا الكبرى يساهم في تحقيق توازن ضروري بين الابتكار الرقمي وحماية الحقوق الفردية. وفي المقابل، حذر بعض المشرعين الجمهوريين من أن مثل هذا التوجه قد يحدّ من الابتكار المالي داخل الولايات المتحدة، مما يدفع الشركات للانتقال إلى بيئات تنظيمية أقل صرامة في دول أخرى.
وفيما يتعلق برد فعل الشركات، أكدت شركة ميتا عبر متحدث باسمها أن مشروع عملتها المستقرة السابق قد توقف نهائيًا، وأنه لا توجد خطط حالية لإعادة إحيائه.
التأثير المحتمل على القطاع المالي الرقمي
تطبيق هذا الحظر من شأنه أن يؤدي إلى تقليص دور شركات التكنولوجيا الكبرى في مجال العملات المستقرة، وهو ما قد يحد من سرعة الانتشار والابتكار في هذا القطاع. ومع ذلك، فإن هذا التوجه يحقق فوائد واضحة، من بينها حماية خصوصية المستخدمين، وتعزيز الشفافية، وضمان عدم تركيز القوة المالية في يد عدد محدود من الشركات العملاقة.
إضافة إلى ذلك، قد يساهم هذا التوجه في دفع المشرعين إلى صياغة إطار قانوني أكثر شمولية، يأخذ في الاعتبار كافة أبعاد النظام المالي الرقمي. وبهذا، يمكن تحقيق توازن بين دعم الابتكار المالي وضمان حماية الاقتصاد الوطني والمستهلكين.
خاتمة
إن دعوة إليزابيث وورن لحظر دخول شركات التكنولوجيا الكبرى إلى سوق العملات المستقرة تعبّر عن قلق حقيقي ومتزايد من توسع نفوذ هذه الشركات في النظام المالي. وتبقى قضية تنظيم العملات الرقمية واحدة من أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في السياسة الأمريكية الحديثة. فبينما تتسارع وتيرة الابتكار، تبقى الحاجة ملحّة إلى أطر تنظيمية تحمي المصلحة العامة دون خنق التقدم التكنولوجي.