Wingbits تبني مستقبل تتبع الرحلات في أجواء مزدحمة ومتطورة

تُعدّ منطقة الخليج العربي اليوم من أبرز المراكز العالمية في قطاع الطيران. فقد استقبل مطار دبي الدولي نحو 87.8 مليون مسافر في عام 2024، فيما تشهد المملكة العربية السعودية استثمارات ضخمة بقيمة 100 مليار دولار في إطار رؤيتها الطموحة لعام 2030 لإعادة تشكيل فضائها الجوي. ووفقاً لتوقعات اتحاد النقل الجوي الدولي، يُتوقع أن تشهد المنطقة نمواً سنوياً في عدد الرحلات الجوية بنسبة 7.2% حتى عام 2030، مما يستدعي حلولاً متقدمة وقابلة للتوسع لإدارة الازدحام الجوي المتزايد.

في هذا السياق، تبرز Wingbits كمبادرة مبتكرة لإعادة تعريف تتبّع الرحلات الجوية عبر بناء شبكة مجتمعية تعتمد على البنية التحتية اللامركزية. وعلى خلاف الأنظمة التقليدية التي ترتكز على متطوّعين لا يتلقّون أي مقابل، تعتمد Wingbits نموذجاً يُكافئ المشاركين لقاء تركيب وتشغيل محطات التتبع، ما يُشكّل نقله نوعية تتماشى مع طموحات دولة الإمارات ودول الخليج في الريادة في مجالي الطيران والتقنية.

وفي مارس 2025، أعلنت دولة الإمارات عن خطة توسعة بقيمة 35 مليار دولار لمطار آل مكتوم الدولي، المتوقع أن يكون الأكبر على مستوى العالم. غير أن التوسعة لا تقتصر على زيادة القدرة الاستيعابية، بل تشمل أيضاً بناء بنية تحتية ذكية ترتكز على البيانات، والصيانة الاستباقية، وتقنيات السفر الحديثة.

لقد كشفت التجربة أن نظم التتبّع التقليدية تعاني من قصور كبير. فهي تعتمد على أفراد يركّبون أجهزة استقبال دون مقابل، ما يؤدي إلى تفاوت كبير في التغطية، مع كثافة زائدة في المناطق الحضرية وغياب شبه تام في المناطق النائية، فضلًا عن تفاوت جودة البيانات.

اقرأ ايضا:  لجنة الأوراق المالية تفتح آفاقًا جديدة للعملات الرقمية بتشريعات مرنة وشفافة

أما نهج Wingbits، فيعتمد على شبكة يساهم في بنائها أفراد من المجتمع عبر تركيب محطات تتبع في مواقع مدروسة، ويتم تحفيزهم بناءً على جودة البيانات التي يقدّمونها. وقد أثبت هذا النهج فعاليته، حيث تمكّنا من الوصول إلى 75% من تغطية أبرز مزودي الخدمة باستخدام عُشر عدد المحطات فقط، من خلال أجهزة بسيطة وسهلة التشغيل وبنية تحتية محدودة. ومع خطة نشر أكثر من 10,000 محطة جديدة بحلول نهاية العام، فإن النمو الحالي يُعد الأسرع من نوعه مقارنة بأي شبكة مماثلة.

خلال زيارتنا الأخيرة إلى دبي للمشاركة في أحد أبرز المؤتمرات المتخصصة، تلمّسنا حجم الإمكانات الكبيرة التي تزخر بها الإمارات، لاسيما في ما يتعلق ببناء بنية تحتية متقدمة قادرة على مواكبة التحوّلات في قطاع الطيران. فبفضل البيئة التنظيمية الداعمة والرؤية الطموحة للتحول إلى مركز عالمي، تُعد الإمارات منصة مثالية لانطلاق مشاريعنا.

وقد أجرينا العديد من اللقاءات المثمرة مع ممثلين عن القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى شركاء محتملين ومستثمرين. وخلال هذه اللقاءات، عُرضت رؤية Wingbits وأثرها المتوقع، وقد قوبلت بترحيب واسع وتفاعل لافت، حيث اعتُبر المشروع خطوة رائدة نحو تطوير منظومة الطيران في المنطقة.

لقد عزّز هذا الاهتمام قناعتنا بأن التوسّع في دولة الإمارات سيُشكّل نموذجاً يُحتذى به في دول الخليج، ثم في سائر أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وما نعتزّ به على وجه الخصوص هو أن Wingbits من بين أولى المبادرات التي تولي أهمية فعلية للتوطين في المنطقة، إذ نعمل على تقديم الدعم باللغة العربية، وتكييف الرسائل والمحتوى بما يتماشى مع الثقافة المحلية. كما نُعدّ مركزاً معرفياً وأدلة إرشادية تسهّل على المشاركين الانضمام إلى المشروع، بدءاً من فهم الفكرة، ومروراً بالحصول على الأجهزة، وصولاً إلى تحقيق الفوائد المرجوّة.

اقرأ ايضا:  الأمهات ضد الأحكام القاسية (MACS) تُعلن عن انطلاقتها في مؤتمر Bitcoin2025

وقد بدأت نتائج هذه الجهود بالظهور فعلياً، إذ لدينا الآن محطات نشطة في كل من الإمارات، وسلطنة عُمان، والمملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين، والأردن، وفلسطين، وتركيا، وقطر، والعراق، ولبنان، والصومال، والمغرب، ما يعكس التوسّع الإقليمي المتسارع للمشروع.

إن Wingbits لا تقتصر على متابعة رحلات اليوم، بل تستعد للأجواء الجديدة التي ستشهدها المنطقة في المستقبل القريب، كتلك المتعلقة بمركبات النقل الجوي الحديثة، بما فيها الطائرات الكهربائية الخاصة بالنقل الحضري. وقد صُمّمت أجهزتنا لرصد هذا النوع من الحركة الجوية، بما في ذلك إشارات ADS-B، ومعرّفات الطائرات المسيّرة، وأنظمة تحديد المواقع العالمية، ما يُسهّل دمجها بأمان في الأجواء الحضرية.

في ضوء المشاريع المستقبلية التي تقودها دولة الإمارات، من النقل الجوي الذكي إلى التحوّلات الرقمية، فإن Wingbits تُقدّم نموذجا فعّالاً يُمكّن الأفراد من المشاركة في تطوير منظومة الطيران وتحقيق منفعة مباشرة، إضافةً إلى دعم البنية التحتية ببيانات أكثر دقة وموثوقية.

والأهم من ذلك، أن Wingbits تثبت بالفعل أن النماذج القائمة على إشراك المجتمع يمكنها التفوّق على الأنظمة التقليدية، عبر تقديم قيمة حقيقية تتماشى مع أهداف المنطقة في تحديث قطاع الطيران. وقد نجح المشروع حتى الآن في جمع تمويل بقيمة 10 ملايين دولار من جهات استثمارية متعددة، بالإضافة إلى إطلاق قمر صناعي ضمن مهمة Transporter-13 التابعة لشركة SpaceX، لتوسيع نطاق التغطية في المناطق النائية، وهو ما يمثل إنجازاً تقنياً بارزاً في مجال تتبع الرحلات الجوية.

اقرأ ايضا:  هيئة الأوراق المالية الأمريكية تؤجل صناديق XRP وDogecoin من جديد

بقلم: ينال حمودة
رئيس توسّع الأسواق ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

زر الذهاب إلى الأعلى