مؤسس Tornado Cash في محاكمة قد تعيد تشكيل مستقبل التمويل اللامركزي

قبل أسابيع قليلة من مثوله أمام المحكمة، أطلق رومان ستورم، أحد المؤسسين الأساسيين لبروتوكول Tornado Cash، صرخة استغاثة مدوية. وقد حذَّر من أن نتائج محاكمته قد تُسدل الستار على مستقبل التمويل اللامركزي (DeFi). وقال عبر منصة X: “إذا خسرت، سيموت التمويل اللامركزي معي”.
ستورم يواجه محاكمة في شهر يوليو، وتشمل التهم الموجهة إليه التآمر لغسل الأموال، وتشغيل نشاط مالي غير مرخص، بالإضافة إلى انتهاك العقوبات الأميركية. وتعود خلفية هذه التهم إلى دوره في تطوير أداة تمكّن مستخدمي العملات الرقمية من إخفاء أثر معاملاتهم على سلاسل البلوكشين.
مطاردة للمطورين أم دفاع عن القانون؟
يرى كثيرون في عالم العملات الرقمية أن القضية تتجاوز شخصية ستورم. فهي، في جوهرها، تمثل محاولة لتجريم مطوري البرمجيات مفتوحة المصدر. Tornado Cash، كما يقول المدافعون عنه، لا يُعد منصة مالية تقليدية. بل هو أداة تعتمد على العقود الذكية، ولا يتحكم بها أي طرف بعد إطلاقها. كما أنها تمنح المستخدمين قدرًا من الخصوصية، وهو أمر يُعد جوهريًا في فلسفة DeFi.
ويؤكد ستورم أن وزارة العدل تسعى إلى فرض معايير تنظيمية على البنية اللامركزية، تماثل تلك التي تُطبق على الكيانات المركزية. وتشمل هذه المعايير إضافة نظام التحقق من الهوية (KYC)، وهو ما يتعارض، وفقًا له، مع المفهوم الأساسي للحرية المالية والخصوصية الرقمية.
دعم لافت من مؤسسة إيثريوم
وسط التصعيد القضائي، أعلنت مؤسسة Ethereum عن تبرع بقيمة 500,000 دولار لدعم فريق الدفاع القانوني الخاص برومان ستورم. كما التزمت بمضاهاة تبرعات المجتمع بما يصل إلى 750,000 دولار إضافية. المؤسسة اختتمت بيانها برسالة واضحة: “الخصوصية أمر طبيعي، وكتابة الكود ليست جريمة”.
ويأتي هذا الدعم المالي في لحظة حرجة، حيث يواجه فريق الدفاع تحديات قانونية كبيرة. من أبرزها، اتهام وزارة العدل بإخفاء مراسلات مهمة مع هيئة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN). وتشير تلك المراسلات إلى أن Tornado Cash قد لا يُصنّف قانونيًا ضمن فئة “خدمة تحويل أموال”. وبالتالي، فإن هذا الاكتشاف قد يُقوض الأساس القانوني الذي ترتكز عليه القضية.
معركة الشهادات والتأثير على صورة DeFi
النيابة العامة قدمت، من جهتها، طلبًا لاستبعاد شهادات خبراء الدفاع. وقد وصفت هذه الشهادات بأنها محاولة لإرباك هيئة المحلفين بشكل غير مباشر. في المقابل، يرى فريق ستورم أن استبعاد هذه الشهادات يُقصي خلفية تقنية مهمة. حيث تُعتبر هذه الخلفية ضرورية لفهم كيفية عمل بروتوكولات DeFi، وأهمية الخصوصية في بنيتها الأساسية.
المحاكمة ألقت بظلالها أيضًا على سعر عملة TORN، حيث تسببت تطورات القضية في تقلبات ملحوظة بسعر العملة. ويُرجع ذلك إلى أن المستثمرين يتفاعلون مع كل خبر جديد بشأن مسار القضية أو دعم المطورين، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار. في حال تمت إدانة ستورم، قد يتراجع سعر TORN بشكل كبير بسبب اهتزاز الثقة.
تناقض في السياسات
وعلى الرغم من أن إدارة ترامب الحالية أبدت دعمًا للقطاع الرقمي، وذلك من خلال إغلاق وحدة متخصصة بملاحقة مشاريع الكريبتو وتخفيف الضغط على أدوات الخلط غير المركزية، إلا أن هذا التوجه لم يشمل حالة رومان ستورم. إذ لا تزال قضيته قائمة، مع حذف بند واحد فقط من لائحة الاتهام.
هذا التناقض بين السياسات العامة والملاحقات الفردية أثار قلقًا واسعًا بين المدافعين عن DeFi. ويرى الكثيرون أن المحاكمة قد تفتح الباب أمام تجريم الابتكار البرمجي، وفرض قيود جديدة على بيئة التطوير المفتوحة.
معركة وجودية لمستقبل الحريات الرقمية
ليست هذه المحاكمة مجرد نزاع قانوني يخص فردًا بعينه، بل تُعد معركة رمزية حول حق الأفراد في كتابة البرمجيات الحرة. كما تمسّ المحاكمة مسألة تمكين المستخدمين من أدوات الخصوصية، وبناء أنظمة مالية لا تخضع لسيطرة مركزية.
وفي حال نجح الادعاء في إدانة ستورم، فإن ذلك قد يُمثل نهاية مرحلة من الانفتاح الرقمي. بل وقد يكون بداية لتضييق واسع على حرية المطورين.
في الوقت الذي تترقب فيه أعين مجتمع البلوكشين مجريات هذه المحاكمة التاريخية، تظل الأسئلة الكبرى مطروحة بقوة: هل يُمكن أن تُصنّف كتابة الكود كجريمة؟ وهل تصبح الخصوصية تهمة؟