المملكة المتحدة تغلق الباب أمام البيتكوين كاحتياطي وطني

أعلنت المملكة المتحدة رفضها لفكرة إنشاء احتياطي وطني من العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين. وقد أدلى عدد من كبار المسؤولين البريطانيين بتصريحات رسمية، أبرزهم سكرتير الخزانة الاقتصادي إيما رينولدز، التي أكدت أن هذا التوجه “ليس ملائمًا لسوق المملكة المتحدة”. وأشارت إلى أن تقلب أسعار العملات الرقمية يجعلها خيارًا غير مناسب لاستخدامها كأصول احتياطية للدولة.

تمايز بريطاني عن السياسات الأمريكية

هذا الموقف يعكس تباعدًا واضحًا بين السياسات البريطانية وتوجهات بعض الجهات في الولايات المتحدة، التي بدأت بدراسة إمكانية إدراج البيتكوين ضمن ميزانياتها العمومية. وأوضحت وزارة الخزانة البريطانية صراحة أنه “لا توجد خطة” لاعتماد احتياطي وطني من البيتكوين. وقد علّلت ذلك بعدم استقرار السوق الرقمية، والمخاطر العالية المصاحبة لها. وبهذا، تنأى بريطانيا بنفسها عن المقاربات الأمريكية الأكثر انفتاحًا على الأصول المشفرة.

التركيز على الابتكار التقني عوضًا عن الحيازة

بدلًا من اعتماد سياسة الحيازة، تتجه المملكة المتحدة إلى دعم بيئة تنظيمية مبتكرة، مع تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة. وفي هذا الإطار، تسعى وزارة الخزانة إلى توظيف تقنية البلوكشين في مجالات متعددة، أبرزها إصدار السندات السيادية باستخدام تقنيات السجلات الموزعة. ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز الشفافية والكفاءة في الإدارة المالية. وقد أُطلق بالفعل مشروع تجريبي لاختيار مزود تقني، مع التوقع بالإعلان عن الشريك الرسمي بحلول نهاية صيف 2025.

الابتكار المنضبط كخيار استراتيجي

أوضحت إيما رينولدز أن الحكومة البريطانية تدعم الابتكار، ولكن وفق ضوابط واضحة. فهي تفضل تجنب الانخراط في مضاربات بالأصول الرقمية ذات التقلبات العالية. ويأتي هذا الموقف في إطار رؤية استشرافية لبناء اقتصاد رقمي آمن، يقوم على التوازن بين الانفتاح التقني والاستقرار المالي. ولا يخفى أن هذا التوجه يتماشى مع سياسة بريطانيا في دعم التكنولوجيا دون المخاطرة بالأمن المالي الوطني.

اقرأ ايضا:  ملخص اليوم الأول 30 أبريل من مؤتمر TOKEN2049 دبي 2025

تشديد الرقابة والتنظيم المحلي

في عام 2025، واصلت المملكة المتحدة تشديد تنظيماتها حيال قطاع العملات المشفرة. وقد أعلنت عن نيتها إخضاع بورصات العملات الرقمية ومزودي الخدمات المرتبطين بها لرقابة مشابهة لتلك المفروضة على القطاع المالي التقليدي. ويستند هذا التوجه إلى مبدأ “نفس المخاطر، نفس القواعد”، وهو ما يضمن اتساق السياسات التنظيمية، مع محاربة الأنشطة غير المشروعة دون كبح الابتكار.

تعاون دولي لتعزيز الرقابة

من جهة أخرى، وسّعت المملكة تعاونها مع الشركاء الدوليين، خصوصًا الولايات المتحدة. فقد أُنشئت فرق عمل مشتركة لتنسيق السياسات الرقابية الخاصة بالأصول الرقمية، ويُعقد حاليًا عدد من الاجتماعات الدورية بين مسؤولي البلدين. ويُتوقع أن يسهم هذا التنسيق في تطوير نماذج تنظيمية أكثر شمولًا وفعالية، تضمن حماية المستهلكين وتكافؤ الفرص.

تفرد بريطاني في مواجهة الإطار الأوروبي

ورغم وجود بعض أوجه التشابه مع السياسات الأوروبية، اختارت المملكة المتحدة عدم تبني إطار الاتحاد الأوروبي لتنظيم الأصول الرقمية (MiCA) بشكل حرفي. وقد أكدت وزارة الخزانة أن القواعد البريطانية سيتم تصميمها بما يتناسب مع طبيعة السوق المحلية، مع التركيز على النتائج بدلاً من الالتزام بالنصوص التنظيمية الأوروبية.

دخول عملات رقمية جديدة إلى الأسواق التقليدية وقطاع ETFs

في موازاة الجهود التنظيمية، شهد عام 2025 تطورات بارزة تمثلت في إدراج عملات رقمية جديدة ضمن أدوات الاستثمار التقليدية، لا سيما من خلال صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs). فقد بدأت بعض المؤسسات المالية الكبرى بطرح صناديق ETFs مبنية على الإيثيريوم ETH، بعد نجاح التجارب الأولية مع صناديق البيتكوين في الأسواق الأمريكية. كما ازدادت المحاولات لتضمين عملات بديلة مثل عملة SOL وكاردانو في المنتجات المالية المنظمة، وهو ما يعكس تحولًا تدريجيًا في نظرة المؤسسات تجاه الأصول الرقمية.

اقرأ ايضا:  منصة Pump.fun تنفي شائعات إطلاق عملة رقمية جديدة

مواقف دول أوروبية بارزة

في ألمانيا، اتبعت الحكومة نهجًا صارمًا، حيث قامت بتصفية كافة حيازاتها من البيتكوين التي صودرت في قضايا إلكترونية، بدلًا من الاحتفاظ بها. أما فرنسا، فقد فرضت في نهاية عام 2023 إجراءات ترخيص صارمة على مزودي خدمات الأصول الرقمية، استعدادًا لتطبيق إطار MiCA بشكل كامل. وفي هولندا، سارعت هيئة الأسواق المالية إلى استقبال طلبات الترخيص مبكرًا، وحرصت على تنبيه المستهلكين إلى المخاطر المرتفعة التي ما تزال ترافق الاستثمار في العملات المشفرة.

توازن بين الابتكار والاستقرار

في الختام، يمكن القول إن المملكة المتحدة والدول الأوروبية تتبنى نهجًا حذرًا ومتزنًا في التعامل مع الأصول الرقمية. فهي تركز على دعم الابتكار من خلال تطوير التكنولوجيا المالية والعملات الرقمية الرسمية، مثل العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية. وفي المقابل، ترفض اعتماد البيتكوين كأصل احتياطي. ويُظهر عام 2025 توجهًا متسارعًا نحو ترسيخ هذا النهج الذي يوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على استقرار الاقتصاد.

Abdulkader

الشريك المؤسس ومدير المحتوى في أفق الكريبتو. باستخدام خبراتي الطويلة في مجال العملات الرقمية، أسعى لإيصال المعلومة الصحيحة وتصحيح المفاهيم المغلوطة في عالم الكريبتو، وتقديم كل مايلزم القراء في العالم العربي وجميع أنحاء العالم.
زر الذهاب إلى الأعلى