روسيا والصين تبدآن تسوية صفقات طاقة باستخدام بيتكوين

في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، تتجه دول كبرى كالصين وروسيا نحو إعادة تشكيل منظومة التجارة الدولية، مبتعدة تدريجيًا عن الهيمنة الأميركية. من أبرز ملامح هذا التحوّل اعتماد البيتكوين كوسيلة لتسوية بعض المعاملات في قطاع الطاقة. وقد أكدت شركة الاستثمار العالمية VanEck هذه الخطوة، مما يعزز من مصداقية التحوّل الجاري.
التحول نحو العملات الرقمية
أوضح ماثيو سيغيل، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في VanEck، أن استخدام العملات الرقمية في التجارة الدولية لم يعد فكرة نظرية فقط. فقد أصبحت هذه العملات، وعلى رأسها البيتكوين، واقعًا ملموسًا. الصين وروسيا، على وجه التحديد، شرعتا في تنفيذ صفقات طاقة باستخدام البيتكوين. وتمثل هذه الخطوة تحديًا مباشرًا لهيمنة الدولار الأميركي في الأسواق العالمية.
دوافع الابتعاد عن الدولار
تسعى هذه الدول إلى بناء نظام مالي أكثر توازنًا وحيادية. يأتي ذلك في ظل استمرار العقوبات الغربية، التي تُستخدم فيها الأدوات المالية كسلاح سياسي. وقد ساهمت الحرب التجارية، التي تصاعدت خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في دفع هذا التوجه. إذ فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على العديد من المنتجات الصينية والأوروبية. وردت الصين بفرض ضرائب كبيرة على البضائع الأميركية. وكنتيجة لذلك، بدأت بعض الدول في البحث عن بدائل تضمن لها الاستقلال المالي، مثل العملات الرقمية.
البيتكوين في قطاع الطاقة
لم يعد البيتكوين يُعتبر أداة مضاربة فقط، بل أصبح وسيلة دفع حقيقية في قطاع حيوي كقطاع الطاقة. تستخدم روسيا، على سبيل المثال، البيتكوين والعملات المستقرة في تجارة النفط مع الصين والهند. ويمنحها ذلك قدرة أكبر على تجاوز القيود الاقتصادية المفروضة من قبل الغرب.
أما دول أخرى، مثل بوليفيا، فقد أعلنت خططًا لاستيراد الكهرباء باستخدام العملات الرقمية. في المقابل، تنظر شركة EDF الفرنسية في إمكانية الاستفادة من فائض الطاقة لديها. وتدرس الشركة استخدام هذا الفائض في عمليات تعدين البيتكوين، ما يشير إلى تنامي فرص الربح من خلال الموارد غير المستغلة.
البيتكوين كملاذ اقتصادي
التحوّل إلى البيتكوين لا يرتبط بالعقوبات فقط. بل يرتبط أيضًا بالحاجة إلى أدوات تحوّط في مواجهة تقلبات الأسواق النقدية. فعندما تُبدي البنوك المركزية الكبرى، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ميولًا تيسيرية، غالبًا ما يشهد سعر البيتكوين ارتفاعًا. هذا الأمر يدفع العديد من الدول والمؤسسات إلى التعامل معه كأصل احتياطي بديل.
بداية نظام مالي جديد؟
ورغم أن استخدام البيتكوين في التسويات التجارية لا يزال في بداياته، إلا أن هذا التوجّه يرسم ملامح نظام مالي عالمي متعدد الأقطاب. وبينما تستمر الضغوط الاقتصادية العالمية وتتزايد حالة عدم اليقين، تزداد احتمالية أن تتبنى دول أخرى هذا المسار. ومن خلال ذلك، تسعى هذه الدول إلى تقليل اعتمادها على الدولار وتعزيز استقلالها المالي.
في المجمل، يبدو أن البيتكوين لم يعد عملة رقمية هامشية. بل أصبح أداة فاعلة في قلب النظام المالي العالمي. كما أنه يُستخدم حاليًا كوسيلة لتحقيق التوازن الجيوسياسي وإعادة تشكيل الخريطة الاقتصادية الدولية، خطوةً بعد خطوة.