قمة البيت الأبيض للعملات الرقمية: بين وعود ترامب وخيبة آمال المستثمرين

عقد البيت الأبيض يوم الجمعة قمة تاريخية حول العملات الرقمية، حيث اجتمع كبار التنفيذيين في القطاع الرقمي مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. كان الهدف من هذا الاجتماع مناقشة مستقبل التنظيمات والسياسات الفيدرالية. رغم أن الحدث يمثل تحولًا جذريًا عن سياسات إدارة بايدن الصارمة، إلا أن المستثمرين خرجوا بانطباعات متباينة. السبب وراء ذلك هو غياب إجراءات ملموسة تدعم الصناعة.

تعهدات ترامب: دعم العملات الرقمية أم رسائل سياسية؟

أكد الرئيس ترامب خلال القمة أن إدارته ستنهي ما وصفه بـ “الحرب الفيدرالية على العملات الرقمية”. وأوضح أن الحكومة السابقة فرضت قيودًا غير مبررة على القطاع، مما عرقل نموه. كما شدد على التزامه بدعم الابتكار في الأصول الرقمية وتقليل التدخلات التنظيمية التي فرضتها إدارة بايدن.

مع ذلك، تشير البيانات إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يكن في حالة انهيار كما صوره ترامب. فقد بلغ متوسط النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عهد بايدن 3.4%. في المقابل، لم يتجاوز 2.5% خلال السنوات الأولى من رئاسة ترامب، قبل أن ينخفض إلى 1.6% بسبب تداعيات جائحة كورونا. أما التضخم، فقد بلغ ذروته عند 9.1% في يونيو 2022، ثم تراجع إلى 2.9% بحلول نهاية 2024. هذه الأرقام تتناقض مع مزاعم ترامب بأن البلاد شهدت “أسوأ تضخم في تاريخها”.

“الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين”: هل هو دعم حقيقي للصناعة؟

كان من أبرز الإعلانات خلال القمة توقيع ترامب أمرًا تنفيذيًا لإنشاء “احتياطي البيتكوين الاستراتيجي”. وقد وصفه بأنه “حصن رقمي يحمي الأصول الرقمية الأميركية”. وفقًا للمستشار الاقتصادي ديفيد ساكس، سيشمل هذا الاحتياطي البيتكوين الذي صادرته السلطات الفيدرالية سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، سيتضمن مخزونًا رقميًا من الإيثريوم وريبل.

اقرأ ايضا:  شركة HK Asia Holdings تدخل عالم البيتكوين وترفع قيمة أسهمها

لكن المفاجأة أن الحكومة لم تضع أي خطط لشراء المزيد من البيتكوين أو الأصول الرقمية الأخرى. كما أنها لم تحدد إطارًا زمنيًا لتنفيذ سياسات دعم إضافية. من ناحية أخرى، أكدت الإدارة أن الاحتياطي سيكون محايدًا من حيث الميزانية، ولن يُشكل عبئًا على دافعي الضرائب. هذه النقاط أثارت تساؤلات بين المستثمرين، الذين كانوا يأملون في إجراءات أكثر تأثيرًا على السوق.

تفاعل السوق: خيبة أمل رغم الاهتمام الرسمي

رغم أن القمة عكست تحولًا سياسيًا كبيرًا تجاه العملات الرقمية، إلا أن رد فعل الأسواق لم يكن إيجابيًا. فقد تراجع سعر البيتكوين بنسبة 3% خلال تعاملات فترة ما بعد الظهر. كما أنهى الأسبوع بانخفاض قدره 7% مسجلًا 87,000 دولار.

ويرجع هذا الانخفاض إلى شعور المستثمرين بالإحباط، نتيجة غياب سياسات أكثر دعمًا للصناعة. كان هناك توقع بأن تعلن الإدارة عن خطط لشراء البيتكوين أو تقديم إعفاءات ضريبية على المكاسب الرقمية. لكن بدلاً من ذلك، بدت القرارات أقرب إلى إعادة هيكلة لسياسات الحكومة الحالية بشأن الأصول المصادرة.

تأثير العملات الرقمية على السياسة الأميركية

خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لعبت صناعة العملات الرقمية دورًا محوريًا. حيث أنفقت لجان العمل السياسي المرتبطة بالقطاع أكثر من 245 مليون دولار على الحملات الانتخابية. ووفقًا لبيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية، جاءت ما يقرب من نصف التبرعات من شركات وجهات مرتبطة بصناعة الأصول الرقمية.

اقرأ ايضا:  هل تقبل الحكومة الأمريكية دفع غرامة ريبل بالعملات الرقمية؟

رغم الانتقادات، فإن موقف إدارة ترامب الجديد يعكس اعترافًا رسميًا بأهمية العملات الرقمية. وقد حضر القمة شخصيات بارزة في الصناعة، مثل مايكل سايلور (الرئيس التنفيذي لشركة مايكروستراتيجي)، وبراين أرمسترونغ (الرئيس التنفيذي لشركة كوينبيس)، وفلاد تينيف (الرئيس التنفيذي لشركة روبن هود). هذا الحضور يؤكد اهتمام البيت الأبيض بالتواصل مع قادة القطاع.

هل يمثل هذا بداية جديدة للعملات الرقمية؟

حتى الآن، تحاول إدارة ترامب إعادة رسم سياسات الحكومة تجاه العملات الرقمية. لكن رغم هذا، لم تقدم التزامات ملموسة تدعم الصناعة. إنشاء “الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين” يمثل خطوة غير مسبوقة. مع ذلك، فإنه لا يبدو كافيًا لطمأنة المستثمرين الذين كانوا يأملون في سياسات أكثر دعمًا.

مستقبل العملات الرقمية في الولايات المتحدة سيظل مرهونًا بمدى استعداد البيت الأبيض لتقديم إصلاحات تنظيمية حقيقية. هذه الإصلاحات هي ما سيحدد ما إذا كان القطاع سيحصل على الدعم الذي يحتاجه للنمو في السنوات القادمة.

Abdulkader

الشريك المؤسس ومدير المحتوى في أفق الكريبتو. باستخدام خبراتي الطويلة في مجال العملات الرقمية، أسعى لإيصال المعلومة الصحيحة وتصحيح المفاهيم المغلوطة في عالم الكريبتو، وتقديم كل مايلزم القراء في العالم العربي وجميع أنحاء العالم.
زر الذهاب إلى الأعلى