القانون الإتحادي الجديد يعيد تنظيم الأصول والعملات الرقمية في الإمارات

يشكل صدور القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2025 بشأن المصرف المركزي وتنظيم المؤسسات والأنشطة المالية والتأمين تحولًا كبيرًا في كيفية تعامل دولة الإمارات مع مستقبل القطاع المالي، خصوصًا فيما يتعلق بالعملات المشفرة والأصول الافتراضية. ويعكس هذا القانون توجهًا واضحًا نحو بناء بيئة تنظيمية أكثر تماسكًا، تساعد على تعزيز الثقة، وتحد من المخاطر، وتدعم الابتكار. ومع اعتماد هذا الإطار الجديد، أصبحت الدولة تتحرك بخطوات ثابتة نحو اقتصاد رقمي أكثر نضجًا، بينما تسعى في الوقت ذاته إلى فرض قواعد واضحة تمنع سوء الاستخدام وتحمي المستخدمين.

توحيد الرقابة في الإمارات

يأتي هذا القانون في مرحلة تشهد فيها الأسواق العالمية توسعًا غير مسبوق في استخدام الأصول الرقمية، إضافة إلى ازدياد الاعتماد على المدفوعات الإلكترونية والخدمات المالية الذكية. ومن خلال هذا التشريع، تسعى الإمارات إلى توحيد الأطر الرقابية، وتقوية دور المصرف المركزي، وتوسيع صلاحياته، بحيث يصبح هو الجهة الأساسية التي تضع القواعد المنظمة للتعاملات المالية التقليدية والرقمية على حد سواء. وبذلك، يقدم القانون رؤية جديدة تعزز الانضباط وتدعم التطور التقني، بينما تضمن وضوحًا أكبر للمستثمرين.

العملة الرقمية الوطنية ودورها المستقبلي

أولى القانون مساحة واسعة لتنظيم العملة الرقمية الوطنية، وذلك نظرًا لارتباطها المباشر بتطور القطاع المالي. وتتمثل أهميته في كونه يمنح المصرف المركزي الحق الحصري في إصدار العملة الرقمية، إلى جانب إصدار العملة الورقية والمعدنية. ومع هذا التطور، أصبحت الإمارات من الدول السباقة في الاعتراف الرسمي بالعملة الرقمية كجزء من النظام النقدي. ويتيح ذلك تبني حلول دفع حديثة، كما يفتح الباب أمام تطبيقات تقنية جديدة تعتمد على هذه العملة.

اقرأ ايضا:  شبكة BNB تصدر بيانًا بعد اختراق Balancer وتؤكد سلامة مشاريعها

يؤكد القانون، مع ذلك، أن المصرف المركزي لا يتحمل مسؤولية فقدان العملة الرقمية أو اختراقها أو التلاعب بها. وهذا يعني أن المستخدمين مطالبون باتباع أساليب حماية أكثر صرامة، وأن الشركات التقنية مطالبة ببناء أنظمة متينة تساعد في تقليل المخاطر. وبذلك، يتحقق توازن بين دعم الابتكار وضمان عدم تعرض النظام المالي لأي تهديد.

الأصول الافتراضية تحت رقابة تنظيمية جديدة

تضمّن القانون ولأول مرة تعريفًا واضحًا للأصول الافتراضية، كما وضعها ضمن الأنشطة التي تتطلب ترخيصًا رسميًا قبل ممارستها. ويشكل هذا التحول خطوة مهمة، لأنه يعالج واحدة من أكثر الثغرات خطورة في السوق، وهي ممارسة الأنشطة الرقمية من قبل جهات غير مرخصة. ومع اعتماد هذا الإطار، لم يعد بإمكان أي شركة أو منصة تقديم خدمات مرتبطة بالعملات المشفرة دون إذن مسبق من المصرف المركزي.

هذا التطور يساعد على مكافحة الاحتيال بشكل مباشر، كما يدعم الشركات الجادة التي ترغب بالعمل في بيئة قانونية واضحة. ويمنح المستثمرين أيضًا مستوى أعلى من الطمأنينة، لأن الجهات المرخصة ستكون ملزمة بمعايير حماية صارمة. ونتيجة لذلك، يصبح السوق أكثر قدرة على جذب رؤوس الأموال، خاصة تلك التي تبحث عن أطر تنظيمية مستقرة.

تأثير التشريع على منصات التداول والمستخدمين

فرض القانون التزامات إضافية على منصات تداول العملات المشفرة، وقد جاء ذلك بهدف رفع مستوى الأمان ومكافحة الأنشطة غير المشروعة. ويُلزم القانون هذه المنصات بالعمل ضمن معايير واضحة تشمل الإفصاح، والحوكمة، وحماية بيانات العملاء، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما يمنح المصرف المركزي صلاحية التدخل عند الحاجة، سواء من خلال الرقابة المباشرة أو من خلال تعليق النشاط المخالف.

اقرأ ايضا:  جزيرة تينيريفي الإسبانية تبيع 97 بيتكوين بعد 10 أعوام لتمويل أبحاث التكنولوجيا والطاقة

بالنسبة للمستخدمين، ينعكس القانون عليهم بشكل إيجابي، لأن بيئة التداول تصبح أكثر شفافية، ولأن التعاملات تتم عبر منصات تلتزم بالقوانين. ويسهم هذا في الحد من المخاطر، حيث كانت الكثير من حالات الاحتيال سابقًا ناتجة عن التعامل مع منصات غير مرخصة. ومع تطبيق هذا النظام الجديد، ترتفع مستويات الثقة، ويزداد الإقبال على الاستثمار في الأصول الرقمية بشكل آمن.

تعزيز الاستقرار المالي في سوق سريع التغير

يمنح القانون المصرف المركزي أدوات جديدة تمكنه من التدخل عند ظهور مخاطر مرتبطة بالأصول الرقمية. ويشمل ذلك متابعة التقلبات الحادة، ودراسة تأثيرها على النظام المالي، واتخاذ القرارات التي تمنع انتقال المخاطر إلى قطاعات أخرى. ومع توفر هذه الصلاحيات، يمكن للمصرف التدخل في الوقت المناسب إذا ظهرت تهديدات، سواء كانت تقنية أو مالية.

ويعزز القانون أيضًا عملية جمع البيانات من المؤسسات الحكومية والخاصة بهدف تحليل اتجاهات السوق. ويساعد ذلك على بناء سياسات نقدية أكثر دقة، كما يمنح صناع القرار رؤية أوضح حول المخاطر المحتملة. ومع هذه الآليات، يصبح النظام المالي أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات العالمية.

قانون يفتح الباب لمرحلة تنظيمية جديدة

ليس هذا القانون مجرد مجموعة من اللوائح، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا في رؤية الدولة تجاه الاقتصاد الرقمي. فهو يهيئ بيئة آمنة للابتكار، ويدفع باتجاه بناء منظومة مالية مستقبلية تعتمد على التقنية، بينما يمنح المؤسسات والمستثمرين قواعد واضحة تساعدهم على اتخاذ القرارات بثقة أكبر. ومع التنظيم الكامل للأصول الافتراضية، تبدأ الإمارات مرحلة جديدة أكثر نضجًا واستقرارًا.

اقرأ ايضا:  الصين تتهم الولايات المتحدة بالاستيلاء على 127 ألف بيتكوين مسروقة

في النهاية

يعزز القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2025 مكانة دولة الإمارات كمركز مالي متقدم، ويضع الأساس لنظام اقتصادي رقمي قوي قادر على مواجهة التحديات. ويمنح المصرف المركزي دورًا محوريًا في قيادة التحول الرقمي، وتوجيه سوق العملات المشفرة، وضمان أن يبقى هذا القطاع قائمًا على الابتكار والانضباط في الوقت نفسه. ومع دخول القانون حيز التنفيذ، يبدو أن الإمارات تتجه بخطوات ثابتة نحو مستقبل مالي أكثر أمانًا ووضوحًا واستدامة.

Abdulkader

مدير المحتوى في أفق الكريبتو. باستخدام خبراتي الطويلة في مجال العملات الرقمية، أسعى لإيصال المعلومة الصحيحة وتصحيح المفاهيم المغلوطة في عالم الكريبتو، وتقديم كل مايلزم القراء في العالم العربي وجميع أنحاء العالم.
زر الذهاب إلى الأعلى