البرلمان الأرجنتيني يفتح تحقيقًا رسميًا في فضيحة عملة LIBRA

أقرّ مجلس النواب الأرجنتيني، في 8 أبريل، تشكيل لجنة تحقيق خاصة للنظر في ملابسات انهيار عملة LIBRA الرقمية. جاء هذا القرار بعد مصادقة البرلمان على ثلاثة مشاريع قرارات، وسط ضغوط شعبية وسياسية متصاعدة، حيث طالب نواب ومواطنون بمحاسبة المسؤولين عن الخسائر التي لحقت بآلاف المستثمرين.
اللجنة البرلمانية ستحظى بصلاحية استدعاء كبار المسؤولين الحكوميين، ومنهم وزير الاقتصاد لويس كابوتو، ووزير العدل ماريانو كونيو ليبارونا، ورئيس هيئة الأوراق المالية الوطنية روبرتو سيلفا، ورئيس ديوان الرئاسة غييرمو فرانكوس. كما ستطلب اللجنة وثائق ومعلومات من الهيئات الوطنية المعنية لفهم ما جرى بدقة.
خلفية الفضيحة: من الطموح إلى الانهيار
عملة LIBRA، التي طُرحت باعتبارها مشروعًا خاصًا يهدف إلى دعم الشركات الناشئة وتحفيز الاقتصاد، شهدت ارتفاعًا مفاجئًا في قيمتها لتبلغ 4.5 مليار دولار. غير أن العملة انهارت بشكل حاد في يومي 14 و15 فبراير، لتفقد نحو 90% من قيمتها خلال ساعات. هذا الانهيار ألحق خسائر فادحة قُدرت بأكثر من 250 مليون دولار، طالت ما يزيد عن 75,000 مستثمر.
الرئيس خافيير ميلي كان قد روج للعملة عبر حسابه الرسمي على منصة X، قبل أن يحذف منشوره لاحقًا مدعيًا أنه لم يكن مطّلعًا على تفاصيل المشروع. هذا التصرف أثار شكوكًا حول طبيعة العلاقة بين الرئاسة والمشروع، ما دفع البرلمان إلى التحرك.
انقسام داخل البرلمان بشأن التحقيق
أثناء جلسة التصويت، أظهر البرلمان انقسامًا سياسيًا لافتًا. فقد صوّت 128 نائبًا لصالح تشكيل اللجنة، بينما عارضها 93 نائبًا وامتنع 7 عن التصويت. النائب بابلو جوليانو أكد في مداخلته أن البرلمان يتحمل مسؤولية التحقق من الأضرار الواقعة على المواطنين، قائلاً: “الوقت قد حان لنكشف الحقيقة”.
بالمقابل، رأى النائب غابرييل بورنوروني، من حزب “الحرية تتقدم” المؤيد للرئيس، أن المعارضة تسعى لتوظيف الحادثة سياسيًا، وأشار إلى أن الهجوم جاء نتيجة انزعاجهم من النجاح الاقتصادي المتمثل في الفائض المالي الذي تحقق في 2024.
تحركات قضائية وتاريخ سابق
بالتوازي مع التحقيق البرلماني، تتواصل إجراءات قانونية داخل الأرجنتين وخارجها. فقد بدأت شركة محاماة في نيويورك التحضير لدعوى جماعية باسم المستثمرين المتضررين. وفي مارس الماضي، طالب محامٍ أرجنتيني باعتقال هايدن ديفيس، الرئيس التنفيذي لشركة Kelsier Ventures، والذي يُعتقد أنه عرض المشروع على ميلي خلال اجتماع خاص في يناير.
ليست هذه الفضيحة الأولى للرئيس ميلي في عالم العملات الرقمية. ففي عام 2022، واجه دعاوى قضائية بسبب ترويجه لمنصة CoinX التي فشلت في الوفاء بوعودها للمستثمرين.
تأثيرات بعيدة المدى وتحذيرات مقبلة
تشير هذه التطورات إلى عمق الأزمة التي تواجه الحكومة الأرجنتينية. وتسلّط الضوء على ضرورة تشديد الرقابة على سوق العملات الرقمية، خاصة عند تقاطعها مع السياسة. التحقيق البرلماني الجاري قد يمتد لفترة طويلة، وقد يفتح الباب أمام مراجعات واسعة للسياسات الاقتصادية والرقابية في البلاد.
بذلك، يتحوّل ملف LIBRA من مشروع رقمي إلى قضية دولة، تجمع بين الشأن المالي والقانوني والسياسي في آن واحد.