السماح لمؤسس تيليجرام بمغادرة فرنسا إلى دبي وسط تحقيقات قانونية

وافقت السلطات الفرنسية على السماح لمؤسس تيليجرام، بافل دوروف، بمغادرة البلاد والتوجه إلى دبي، وذلك بعد تعديل شروط المراقبة القضائية التي كانت مفروضة عليه. جاء هذا القرار بعد أشهر من احتجازه في فرنسا على خلفية اتهامات تتعلق بتسهيل أنشطة إجرامية عبر منصة تيليجرام.
ملابسات القضية واعتقال دوروف
في أغسطس 2024، ألقت السلطات الفرنسية القبض على دوروف في مطار لو بورجيه قرب باريس، تنفيذًا لمذكرة صادرة عن المكتب الوطني الفرنسي لمكافحة الاحتيال (ONAF). جاء هذا الاعتقال بعد أن اعتبرته السلطات مسؤولًا عن استخدام منصته في تسهيل تداول المخدرات، وعمليات الاحتيال، وبيع الأسلحة، بل وحتى التوظيف لأعمال إجرامية.
بقي دوروف قيد الاحتجاز لعدة أيام وخضع لجلسات استجواب مكثفة قبل أن يُفرج عنه بكفالة قدرها 5 ملايين يورو. مع ذلك، مُنع من مغادرة فرنسا إلى حين انتهاء التحقيقات. أثار هذا القرار جدلًا واسعًا، حيث اعتُبر سابقة قانونية كونها المرة الأولى التي يُعتقل فيها مؤسس منصة تواصل اجتماعي بسبب المحتوى الذي ينشره مستخدموه.
قرار السماح بالمغادرة وتأثيراته
بعد أشهر من التحقيقات، وافق القاضي المسؤول عن القضية على طلب دوروف بتخفيف شروط الرقابة القضائية، مما سمح له بمغادرة فرنسا مؤقتًا والسفر إلى دبي. وأفادت مصادر قريبة من التحقيق بأن القاضي منح هذه الموافقة بعد دراسة طلب رسمي تقدم به دوروف وفريقه القانوني.
وفقًا لتقارير إعلامية، غادر دوروف الأراضي الفرنسية صباح يوم 15 مارس، متوجهًا إلى دبي حيث يقع المقر الرئيسي لشركته. كما أكدت مؤسسة TON، المرتبطة بتيليجرام، أن السلطات الفرنسية أعادت إليه جواز سفره، مما أتاح له السفر بحرية. ومع ذلك، لا تزال القضية مفتوحة، ولا يزال مصيره القانوني غير محسوم.
ردود الفعل الدولية حول القضية
أثار اعتقال دوروف نقاشًا عالميًا حول حرية التعبير ومسؤولية منصات التواصل الاجتماعي عن المحتوى المنشور عليها. يرى البعض أن تحميل دوروف مسؤولية سوء استخدام المنصة أمر غير منطقي، في حين يرى آخرون أن تقاعسه عن اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة النشاط الإجرامي جعله عرضة للملاحقة القانونية.
دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن منح دوروف الجنسية الفرنسية، معتبرًا ذلك جزءًا من “استراتيجية وطنية” تهدف إلى جذب رواد الأعمال المؤثرين عالميًا. في المقابل، حذرت روسيا من أن هذه القضية قد تتحول إلى “اضطهاد سياسي” ضد دوروف. كما تلقى دعمًا من شخصيات بارزة، مثل إيلون ماسك، الذي نشر تغريدات داعمة له تحت وسم #FreePavel.
مستقبل تيليجرام والتداعيات القانونية المحتملة
رغم مغادرته فرنسا، لا تزال القضايا القانونية المرفوعة ضد دوروف قائمة. يرى بعض الخبراء القانونيين أن عودته إلى فرنسا قد تكون ضرورية في المستقبل لاستكمال الإجراءات القضائية. في المقابل، يرى آخرون أن هذه القضية قد تدفعه إلى إعادة تقييم استراتيجياته فيما يخص إدارة تيليجرام والمحتوى المتداول عبرها.
تطرح هذه القضية تساؤلات حول مستقبل تيليجرام، خاصة أن المنصة تُعد واحدة من أكثر وسائل التواصل المشفرة استخدامًا في العالم، حيث يتجاوز عدد مستخدميها 900 مليون شخص. كما أن نتائج التحقيق قد تفتح الباب أمام مناقشات أوسع حول دور الحكومات في تنظيم المحتوى الرقمي، والتوازن بين حرية التعبير ومكافحة الجريمة الإلكترونية.