البنك المركزي التشيكي يدرس تخصيص 5% من احتياطياته في البيتكوين
في خطوة غير تقليدية قد تحدث تحولًا كبيرًا في طريقة إدارة البنوك المركزية احتياطياتها، أعلن الحاكم أليش ميشل عن رغبة البنك المركزي التشيكي (CNB) في تخصيص نسبة تصل إلى 5% من احتياطياته في عملة البيتكوين. هذه الخطوة قد تجعل التشيك أول دولة في غرب أوروبا تتبنى العملة الرقمية كجزء من احتياطياتها الرسمية، وهو ما قد يغير ملامح الاستثمار في الأصول المالية المستقبلية.
التنوع في الأصول: دافع رئيسي وراء القرار
يرى ميشل أن إضافة بيتكوين إلى محفظة البنك المركزي ستكون وسيلة فعّالة لتوزيع المخاطر وتنويع الأصول. وفي تصريحات سابقة له، قال ميشل: “من أجل تنويع أصولنا، يبدو أن بيتكوين خيار جيد.” هذا التوجه نحو الأصول الرقمية يعكس اهتمامًا متزايدًا من قبل المؤسسات المالية الكبرى في استكشاف البدائل غير التقليدية مثل العملات الرقمية.
حجم الاستثمار المحتمل الذي سيخصصه البنك المركزي التشيكي يصل إلى نحو 7 مليارات يورو (7.3 مليار دولار)، وهو ما يتجاوز بالفعل قيمة احتياطيات البنك من الذهب والتي تبلغ 4.3 مليار يورو. إذا تمت الموافقة على هذه الخطوة في اجتماع مجلس إدارة البنك المزمع عقده في 30 يناير 2025، فقد يُفتح المجال لبنوك مركزية أخرى في المستقبل لتوسيع محفظتها من خلال إدخال الأصول الرقمية.
البيتكوين بين الفقاعة والفرصة
على الرغم من المخاطر التي قد يحملها الاستثمار في بيتكوين بسبب تقلباته الشديدة، يرى ميشل أن عملة البيتكوين تمثل فرصة كبيرة للأفراد والمؤسسات. وفي هذا السياق، أشار إلى أنه رغم الزيادة الكبيرة في سعر بيتكوين بعد فوز ترامب في الانتخابات، إلا أن هذه الزيادة يمكن أن تُعتبر بمثابة فقاعة مضاربية. وقال: “من الممكن أن يتسبب هؤلاء الأشخاص (ترامب) في خلق فقاعة لبيتكوين، لكن الاتجاه العام سيكون نحو الزيادة حتى بدونهم”.
من الجدير بالذكر أن البنك المركزي التشيكي يتبنى سياسة مرنة في إدارة محفظته المالية؛ حيث يشكل الاستثمار في الأسهم 22% من إجمالي محفظته، وهي نسبة تفوق تلك التي تملكها البنوك المركزية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يخطط ميشل لزيادة استثمارات البنك في الأسهم الأمريكية إلى 50%، في خطوة تهدف إلى تعظيم العوائد المالية للبنك.
المزايا والتهديدات: منظور مختلف
تتعدد العوامل التي تشجع على تخصيص جزء من الاحتياطيات في بيتكوين، حيث يرى ميشل أن ارتباط بيتكوين الضعيف مع الأصول التقليدية مثل السندات يمكن أن يجعله أداة فعّالة لتقليل المخاطر المالية. ومن جانبه، أضاف الخبير الاقتصادي ديفيد هافرلانت أن بيتكوين يُنظر إليه بشكل متزايد كأصل تقليدي يُمكن أن تُبادر العديد من البنوك المركزية إلى تبنيه، وخاصة في ظل توجه التشيك نحو التنويع.
على الرغم من التفاؤل الذي أبداه ميشل، فإنه يعترف بالمخاطر الكبيرة التي قد تنشأ إذا انهار السوق، مشيرًا إلى أنه قد تصل قيمة بيتكوين إلى الصفر. وأضاف ميشل أن البنك المركزي التشيكي لديه بالفعل خبرة في التعامل مع استثمارات قد تكون محفوفة بالمخاطر، مثل حالات فشل الشركات الكبرى في الماضي مثل “إنرون” و”وايركارد”.
المعارضة الأوروبية والتحفظات على البيتكوين
قد تواجه خطة ميشل مقاومة شديدة من بعض البنوك المركزية الأوروبية، خاصة من الدول التي تفضل الأصول المستقرة مثل الذهب والعملات الأجنبية. وقد عبر يواكيم ناجل، رئيس بنك “بوندسبنك” الألماني، عن رفضه الشديد لفكرة استخدام بيتكوين كأصل احتياطي، معتبرا إياه “زهور التوليب الرقمية”، في إشارة إلى فقاعة التوليب التاريخية. كما أشار ناجل إلى أن بيتكوين لا يوفر الأمان أو السيولة التي تعتبر من المبادئ الأساسية لأي أصول احتياطية للبنوك المركزية.
النظرة المستقبلية: خطوة جريئة على الطريق الصحيح
من جانب آخر، يبدو أن ميشل مستعد تمامًا للمخاطرة في سبيل تحقيق فوائد استراتيجية على المدى الطويل، على الرغم من المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأصول الرقمية. هذه الخطوة قد تكون بداية لتغيير مفاهيم البنوك المركزية حول كيفية تنويع محفظاتها، مما يفتح المجال أمام استثمارات رقمية أكثر شيوعًا في المستقبل. إذا نجح البنك المركزي التشيكي في تنفيذ هذه المبادرة، فقد يُسجل ذلك كخطوة رائدة في تبني العملات الرقمية كأصول احتياطية للدول.