انقسام حاد داخل الحكومة البولندية حول تطبيق قواعد MiCA لتنظيم سوق العملات الرقمية

تفجّر خلاف سياسي واسع داخل بولندا بشأن كيفية تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي لتنظيم العملات الرقمية المعروفة باسم MiCA، بعد أن صوّت 243 نائبًا لصالح رفض تجاوز فيتو الرئيس كارول ناوروكي، مقابل 192 نائبًا عارضوا هذا الموقف، بقيادة رئيس الوزراء دونالد توسك.

هذا التصويت يعكس انقسامًا واضحًا داخل المؤسسة السياسية البولندية حول مستقبل تنظيم سوق الكريبتو، بين من يرى في القوانين الأوروبية تهديدًا أمنيًا، ومن يعتبرها ضرورة لحماية السوق والمستثمرين.

معسكر الرئيس يربط قواعد MiCA بالمخاطر الأمنية

النواب الداعمون لموقف الرئيس ناوروكي اعتبروا أن تأجيل تطبيق قوانين MiCA خطوة ضرورية في ظل ما وصفوه بمخاوف من اختراقات أجنبية للنظام الأوروبي. وذهب بعضهم إلى حد اتهام تلك القواعد بأنها امتداد غير مباشر لنفوذ روسي داخل منظومة الاتحاد الأوروبي.

رئيس ديوان الرئاسة زبيغنيو بوغوتسكي صرّح خلال الجلسة قائلاً إن طرح المسألة على أساس أنها خيار بين التصويت لمصلحة “المافيا الروسية” أو دعم مشروع القانون هو طرح زائف وغير عادل، مشددًا على أن القضية أعقد من هذا التوصيف المبسط.

توسك يحذر من استغلال سوق الكريبتو من جهات خارجية

في المقابل، خاطب رئيس الوزراء دونالد توسك أعضاء البرلمان في جلسة مغلقة قبل الاقتراع، محذرًا من أن سوق العملات الرقمية يعد من أكثر القطاعات عرضة للاستغلال من قبل أجهزة استخبارات أجنبية وشبكات إجرامية منظمة.

وأكد توسك أن التحدي الحقيقي يكمن في تمكين الدولة من امتلاك الأدوات التنظيمية التي تحول دون عجزها أمام هذه المخاطر، مشيرًا إلى أن التنظيم الصارم لا يعني قتل الابتكار، بل حماية الأمن القومي والأسواق المالية في آن واحد.

اقرأ ايضا:  توقعات سعر تونكوين جدل واسع بعد إعلان خطة AlphaTON بقيمة 420 مليون دولار

لماذا تتردد بولندا في تطبيق قوانين MiCA الآن؟

يتزامن هذا الجدل مع اقتراب الانتخابات العامة في بولندا عام 2027، حيث يسعى عدد من المشرعين إلى جذب الاستثمارات العالمية عبر قطاع العملات الرقمية وكسب أصوات الناخبين الشباب المهتمين بالكريبتو.

في الوقت نفسه، يشهد العالم انتقالًا متسارعًا لرؤوس الأموال المؤسسية نحو الدول التي توفر بيئة تنظيمية واضحة وداعمة لسوق العملات الرقمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والهند والإمارات العربية المتحدة، وهو ما يضع بولندا أمام معادلة صعبة بين التنظيم الصارم وجذب الاستثمارات.

الصورة الأوسع لسوق الكريبتو في أوروبا

شهد عام 2025 تسارعًا ملحوظًا في تبني العملات الرقمية داخل أوروبا، حيث بدأت عدة بنوك مركزية في الاتحاد الأوروبي دراسة بيتكوين وسوق الكريبتو بوصفه قطاعًا قانونيًا ناشئًا يمتلك بعدًا عالميًا.

وكان البنك الوطني التشيكي قد أطلق شرارة هذا التوجه في نوفمبر 2025 عندما أعلن عن محفظة استثمارية بقيمة مليون دولار كان لبيتكوين النصيب الأكبر منها. هذا الحدث زاد من الضغوط على الحكومات المجاورة، ومنها بولندا، لإعادة النظر في موقفها من الاستثمار في العملات الرقمية.

بيتكوين في قلب التحولات المستقبلية

التوقعات تشير إلى نمو متسارع في قطاع العملات الرقمية خلال السنوات المقبلة، تقوده بيتكوين التي يتوقع كثير من المحللين أن تتجاوز الذهب من حيث القيمة السوقية والنفوذ المالي في المستقبل القريب.

هذا النمو مدفوع بتزايد الطلب من المؤسسات العالمية والبنوك المركزية، وهو ما قد يشعل موجة صعود قوية في سوق العملات الرقمية خلال عام 2026 وما بعده، الأمر الذي يضع بولندا أمام فرصة تاريخية قد تخسرها إذا استمرت حالة التردد التنظيمي.

اقرأ ايضا:  انكشاف فجوة احتياطيات TrueUSD يقود لتجميد 456 مليون دولار من قبل محاكم دبي

الخلاصة

الانقسام داخل الحكومة البولندية حول تطبيق قواعد MiCA يكشف عن صراع أوسع بين اعتبارات الأمن القومي ومتطلبات الانفتاح الاستثماري. وبينما يحذر معسكر الرئيس من المخاطر الجيوسياسية، يرى معسكر رئيس الوزراء أن التنظيم بات ضرورة لا خيارًا. مستقبل سوق الكريبتو في بولندا سيظل معلّقًا على هذا الصراع، في وقت تواصل فيه أوروبا والعالم سباقهما نحو الاقتصاد الرقمي.

زر الذهاب إلى الأعلى