هيئة SEC تراجع سياساتها في الكريبتو: توجه جديد وتخفيف القيود على العملات الرقمية

تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) على إعادة تقييم سياساتها التنظيمية بشأن العملات الرقمية، في ظل تغييرات كبيرة في النهج المتبع. حاليًا، تدرس الهيئة إمكانية إلغاء قاعدة مقترحة كانت ستُلزم مستشاري الاستثمار بالاحتفاظ بالعملات الرقمية لدى جهات وصاية معتمدة، إضافة إلى الامتثال لمجموعة من اللوائح الصارمة التي تهدف إلى حماية المستثمرين والحد من المخاطر المحتملة.
وقد تم تقديم هذه القاعدة في فبراير 2023 خلال إدارة الرئيس جو بايدن. وكان الهدف منها فرض ضوابط تنظيمية أكثر صرامة على مستشاري الاستثمار الذين يديرون الأصول الرقمية. ومع ذلك، أبدت العديد من المؤسسات المالية والمستثمرين اعتراضات قوية، حيث اعتبروها قيدًا بيروقراطيًا قد يعيق النمو السريع لهذا القطاع.
من جانبه، أوضح مارك أويدا، رئيس الهيئة بالإنابة، خلال مؤتمر عُقد في سان دييغو، أن الهيئة قررت مراجعة هذه القاعدة استجابةً للمخاوف المتزايدة بشأن صعوبة الامتثال لها من الناحية العملية. وأضاف أن الهيئة تبحث في بدائل أكثر مرونة، بحيث تحافظ على الأمن التنظيمي والشفافية دون فرض قيود مرهقة. كما أشار إلى أن اللجنة تلقت عددًا كبيرًا من التعليقات من المستثمرين والشركات المالية، الأمر الذي دفعها إلى إعادة النظر في القاعدة بدلًا من فرضها بصيغتها الأصلية.
تغييرات أوسع في اللوائح التنظيمية
بالتزامن مع هذه المراجعة، تقوم هيئة الأوراق المالية والبورصات بتقييم قاعدة أخرى تتعلق بالإفصاح عن ممتلكات صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة (ETF). حاليًا، يُطلب من هذه الصناديق الكشف عن ممتلكاتها كل ثلاثة أشهر، لكن هناك مقترحًا جديدًا يلزمها بالإفصاح بشكل شهري لتعزيز الشفافية وتوفير معلومات أكثر دقة للمستثمرين.
على الرغم من أن هذا التعديل يهدف إلى زيادة الوضوح في السوق، إلا أنه قوبل ببعض الانتقادات. يرى بعض الخبراء الماليين وشركات التداول الكبرى أن الإفصاح الشهري قد يؤدي إلى تقلبات أكبر في الأسواق. كما أن المستثمرين الكبار قد يستغلون هذه المعلومات لتحقيق مكاسب غير عادلة. إضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في استراتيجيات التداول أثار قلقًا متزايدًا، حيث قد تستفيد الخوارزميات المتطورة من هذه الإفصاحات بطريقة تؤثر بشكل كبير على استقرار الأسواق المالية.
تحول في توجهات هيئة الأوراق المالية والبورصات
تعكس هذه التغييرات توجهًا جديدًا تتبناه الهيئة تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. يهدف هذا التوجه إلى تقليل القيود التنظيمية التي تم فرضها خلال عهد الرئيس السابق للجنة، غاري غينسلر. خلال الأشهر الأخيرة، ألغت الهيئة عددًا من القواعد المتعلقة بقطاع التشفير، بما في ذلك إلغاء توجيهات محاسبية فرضت قيودًا على الشركات العاملة في هذا المجال. كما قامت بإيقاف بعض الإجراءات القانونية التي كانت تستهدف شركات تشفير بارزة.
إضافة إلى ذلك، أنشأت الهيئة فريقًا متخصصًا لمراجعة الأولويات التنظيمية في مجال العملات الرقمية. يعكس هذا الإجراء الاعتراف المتزايد بأهمية هذا القطاع، والحاجة إلى تحقيق توازن بين الحماية التنظيمية ودعم الابتكار المالي. الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو ضمان استقرار السوق دون فرض قيود قد تعيق قدرة الشركات على النمو والتوسع.
ومع اقتراب تولي بول أتكينز منصب رئيس الهيئة، من المتوقع أن تصبح التوجهات التنظيمية أكثر مرونة تجاه سوق العملات الرقمية. يُعرف أتكينز بدعمه لتخفيف اللوائح التنظيمية من أجل تعزيز الابتكار. وهذا يعني أن المرحلة القادمة قد تشهد سياسات أكثر تساهلًا مع الشركات المالية والتكنولوجية العاملة في قطاع التشفير.
في النهاية
يشير هذا التحول إلى تغيير أوسع في كيفية تعامل السلطات المالية الأمريكية مع العملات الرقمية. فبعد فترة طويلة من التدقيق الشديد، يبدو أن هناك اعترافًا متزايدًا بأن التنظيم الصارم قد يضر بالتطور الطبيعي للسوق. نتيجة لذلك، من المرجح أن تشهد الفترة المقبلة مناقشات مكثفة بين الجهات التنظيمية والشركات المالية، بهدف صياغة سياسات تحمي المستثمرين دون أن تعيق الابتكار التكنولوجي في عالم الأصول الرقمية.