تشديد الصين على تنظيم العملات الرقمية: هل يؤثر على الدول الأخرى؟
مع دخول عام 2025، عززت الصين جهودها لتقييد تداول العملات الرقمية داخل البلاد، حيث أصدرت قوانين جديدة تهدف إلى تضييق الخناق على التعاملات المشفرة. أثارت هذه الخطوات تساؤلات حول ما إذا كانت الدول الأخرى ستتبع نفس النهج. ولكن بالنظر إلى السياق العالمي، يبدو أن تجربة الصين قد لا تكون النموذج الأبرز للدول الأخرى.
تأثير الصين على السوق العالمية
كانت الصين في بداية العقد الماضي مركزًا عالميًا رئيسيًا للعملات الرقمية. فمنذ إطلاق أول منصة لتداول البيتكوين (BTC China) في 2011 وحتى تأسيس شركة التعدين العملاقة “بيتماين” في 2014، لعبت الصين دورًا رياديًا في هذا المجال. ومع ذلك، بدأت الحكومة الصينية تدريجيًا في تقويض هذا القطاع من خلال فرض قيود صارمة تهدف إلى السيطرة على الأنشطة المالية.
في 2017، اتخذت الصين خطوة جريئة بحظر عروض العملات الأولية (ICOs)، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في أسعار البيتكوين عالميًا. وفي عام 2021، وصلت الأمور إلى ذروتها عندما حظرت الحكومة تعدين العملات الرقمية، وهو ما أتاح للولايات المتحدة أن تتصدر المشهد العالمي في هذا المجال.
القوانين الجديدة وتأثيرها على القطاع المحلي
في 31 ديسمبر 2024، فرضت السلطات الصينية إجراءات إضافية تستهدف المعاملات المشفرة العابرة للحدود. طالبت هيئة تنظيم النقد الأجنبي البنوك بتتبع المعاملات التي يُعتبر أصحابها “محفوفي المخاطر” بناءً على مصدر الأموال، هوية المشاركين، وتكرار العمليات.
تشمل هذه الإجراءات قيودًا على الأطراف المشاركة، مثل حظر بعض الخدمات المصرفية عليهم، وجمع المعلومات التي قد تُستخدم ضدهم قانونيًا. لا تقتصر تداعيات هذه القوانين على الداخل الصيني فحسب، بل تمتد لتشمل الشركات الكبرى التي فرت إلى الخارج هربًا من البيئة العدائية، مثل منصة Binance ورائد العملات الرقمية جاستن صن.
هل الصين نموذج يُحتذى به؟
رغم تأثير الصين الكبير على السوق، إلا أن دولًا أخرى سبقتها في فرض قيود مشابهة. تركيا حظرت العملات الرقمية كوسيلة للدفع في 2021، بينما بدأت الجزائر حظر التعاملات المشفرة منذ 2018. كذلك، وضعت مصر عقبات قانونية على التعدين والتداول في 2020. أما المغرب، فرغم حظرها العملات الرقمية في 2017، فهي تدرس الآن تقنينها بحلول 2025.
هذا التنوع في السياسات يشير إلى أن كل دولة تتعامل مع العملات الرقمية بناءً على ظروفها الخاصة، مما يجعل من الصعب القول إن الصين تُعتبر نموذجًا عالميًا لتقييد العملات المشفرة.
السياسات السابقة وتأثيرها على السوق
لم تقتصر محاولات الصين على حظر العملات الرقمية فقط. منذ 2017، بدأت الحكومة في ملاحقة منصات التداول بحجة مكافحة غسيل الأموال. وفي 2021، فرضت حظرًا شاملًا على تداول العملات الرقمية وأغلقت عددًا من المنصات الكبرى. تزامنت هذه الخطوات مع تطور العملة الرقمية الحكومية “اليوان الرقمي”، مما يشير إلى أن السياسات الصينية تهدف إلى تعزيز سيطرتها المالية عبر وسائل مركزية.
في النهاية
بينما تسعى الصين إلى تقليص حرية التعامل بالعملات الرقمية، فإنها ليست الدولة الوحيدة التي تتبنى هذا النهج. على الرغم من تأثيرها الكبير، يبدو أن العديد من الدول قد استلهمت سياساتها من عوامل محلية بدلاً من اتباع النموذج الصيني. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى استدامة هذه القيود في مواجهة تطورات التكنولوجيا المالية.